أولاً : كل المرشحين أصغر من كرسي الرئاسة، ولا اتصور أن أي شخص مخلص للوطن كفكرة أكثر من أي فكرة أخرى، ليبرالية، يسارية، أو محافظة يمكنه أن يقول بغير هذا، ربما لأننا لم ننتخب رئيساً من قبل، ونفتقد لثقافة البرنامج الانتخابي الدقيق، أو لأنه لا توجد أرقام صحيحة عن مشكلات مصر كالبطالة والفقر والأمية والعنوسة والأمراض المزمنة إلخ، أو لأن المناخ العام، المبني على العهر الدستوري قد أخاف كل من يقترب بفكره ومشروعه من حجم الكرسي، عرش مصر، والذي لا يوجد من يملؤه حتى الآن

ولتوضيح العهر الدستوري، علينا أن نتذكر أن الاستفتاء قرر أن يدعو الرئيس المنتخب البرلمان بغرفتيه لاختيار الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، استفتاء شابه تزوير للارادة برعاية التيار المحافظ-المفرّط- ثم ألحقه العسكر باعلان دستوري يقرر أن المجلس العسكري هو من سيدعوا المجلسين لانتخاب الجمعية التأسيسية، ثم جاء قانون الانتخابات البرلمانية ليكرر  خطأ انتخابات (84 و87 كما أتذكر)، انتخابات أتت ببرلمانين أسقطهما البرلمان، سألت الفقيه الدستوري محمد نور فرحات عن رأيه في قضية حل البرلمان، فأوضح لي بأن القضية من شقين، وهما الثلث والثلثان، ويتمتع هذا الشق بغطاء دستوري، وشق منافسة الحزبيين على المقاعد الفردية، وهو ما يتنافى مع مبدأ المساواة، المشكلة كلها في أنه حتى وإن قضت المحكمة بعدم دستورية القانون الذي أتى بهذا البرلمان، فإنه لا يوجد من يمتلك هذه السلطة، إذا نحن أمام برلمان مشكوك في شرعيته سينتخب جمعية تأسيسية لتعطي سلطة حله لأحدهم.

كنت سأنتخب أبو الفتوح لوصفه نفسه بأنه "ليبرالي محافظ"، رأيت فيه الشخص الذي سيقف أمام التطرف السلفي في المجتمع، رئيس سبق له العمل داخل ما يُسمَى (التيار الاسلامي) يعرف طرقهم، ولن يزايد عليه أحد، كنت سانتخبه لحديثه عن "العلمانية الجزئية" وهي كما أفهمها علمنة مؤسسات الدولة وليس المجتمع، بمعنى أن تكون الدولة على الحياد، أن يكون هم الدولة "المواطنة" والعدل الاجتماعي بالمعنى الاقتصادي والقيمي، ولأنني أعتقد أننا في الحقبة الاسلاموية، وترشيدها مهم حتى لا تنحرف كما انحرفت تجارب سابقة عن قيم القواعد المجتمعية المؤسسة لها، كنت سأنتخبه لأنني بنيت أفكاري كلها على قصص تُروى عن اجتماعات "مكتب الارشاد"، اجتماعات لا يستطيع أحد نفي او اثبات ما دار فيها، لم أسأل نفسي وقتها لماذا سكت أبو الفتوح على ما أفصح عنه خيرت الشاطر بعد خروجه من المعتقل
(http://www.khairatshater.com/index/?p=1179)
لماذا سكت على تصريح المرشد السابق محمد مهدي عاكف بأن "طز في مصر واللي في مصر"، ولماذا سكت عن تصريح محمد مرسي، أخوه اللدود، قبل الثورة بشهور، بأنهم (اي الاخوان) قد أخلوا دوائر (زكريا عزمي-فايزة ابو النجا-احمد عز-سرور) لكونهم "من  القامات الوطنية"؟ هل يُعقَل أن نائب المرشد لم يكن يعرف عن الاتصال مع النظام لمدة 15 عاماً؟ أنا لا أطالب أحداً بأن يكون ثورياً، اذا اراد الاصلاح، واذا وثق في امكانية الاصلاح في عهد مبارك، فهذا شأنه، فقط لا اريد أن أصبغه برداء الثورة، فالطبع يغلب التطبع، من سكت على تصريح مرشده بأن "مبارك أب لكل المصريين"، وتصريح الذي سبقه بقبول التوريث ضمنياً، لا يمكنه بأي شكل من الاشكالكانت مناظرته مع عمرو موسى القشة التي أنهت آخر ذرة دعم له، فدفاعه باستماتة عن الاخوان، وشرعيتهم، يكشف عن ان الخلاف مجرد خلاف اداري، مشكلة شخصية، هل يُعقَل أن يمثّل المصريين رجل لم ينتقد برلماناً بعض أعضاءه ينتمون الى جماعة قتلت في الثمانينات والتسعينات مصريين، مدنيين وعسكريين؟ بل ويدافع عنهم! بالرغم من أن القانون يمنع قيام أحزاب على أساس ديني، ولا أقول أساس ارهابي، وهو من سيصبح-إن وصل لكرسي الرئاسة- مطبقه الحقيقي! سيطالب وقتها باتخاذ اجراءات واضحة ضد استخدام الدين في العمل السياسي، لا أن يفرح لتراجع من قتل المصريين عن فكرة العنف، بماذا ينفع أهالي ضحايا الجماعة الاسلامية الندم؟ وكيف يعيشون والزمر وناجح ابراهيم وكل تلك الوجوه القبيحة تظهر يومياً على شاشات التلفزيون؟ هل يعقل أن يكره العنف من انتمى لجماعة استخدمت العنف السياسي في بدايتها؟ 
http://tinyurl.com/btugn45
http://www.almasryalyoum.com/node/74118
لماذا لم يكلمنا عن الاختلاف الفكري مع الجماعة؟ لماذا يجب علينا أن نصدق قصص لوقائع لم نحضرها لأنها دارت في جماعة سرية؟ لماذا علينا ان نفترض افتراضات ليس هناك ما ينفيها او يؤكدها؟ عضوية جماعة سرية لأكثر من 40 عاماً يترك فيك-حتماً-أثر ما، حتى وإن صدقت النوايا، أعتقد بأن العسكر لا يصلحون لبناء ديمقراطية في أي مكان لان الشكل الهرمي، وطريقة اتخاذ القرار تطغى على طريقة التفكير بعد فترة في المؤسسة، فتجعله يلفظ التعدد والاختلاف، بنفس المنطق فإن من كان عضواً في جماعة تستخدم الدعوة لتخدم السياسة، لن يقبل بالمعارضة بسهولة، وهو ما يشكّل خطراً على الديمقراطية المنشودة

لماذا دعمه السلفيون؟ إما أنه يكذب علينا، أو عليهم، أو على كلانا، وأنا ارفض جميع ما سبق، فليعلن أبو الفتوح انحيازاته حول الهوية والحريات بكل صراحة وبدون ضبابية وتمييع للاجابات

شاركت في العديد من المظاهرات منذ 2006، لم أر اخوانياً واحداً يشارك في مظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين او دار القضاء العالي او نقابة المحامين ويهتف "يسقط حسني مبارك" ولم أشاهد قيادة اخوانية واحدة في اي مظاهرة، باستثناء أ محمد عبد القدوس

اذا فالاخوان لم يناضلوا ضد مبارك، بل كانوا يبتذونه ويبتذهم

اما كلمة ابو الفتوح الشهيرة امام السادات، فتضمنت اسئلة بالاساس حول مشايخ الجماعة، وكيف يُقمَعون، ثم يربط هذا بفساد حاشية الرئيس، او "الناس اللي حواليه"، فال"اخ" يرى مصر من داخل الجماعة، من الزاوية التي يراها منها مكتب الارشاد، وحين يتركها تتمحور بقية حياته حول "نقاء الفكرة وفساد الكوب"، وأنا ارى مصر أكبر كثيراً من الصراع بين تيارين داخل جماعة، هو اذا ليس صراع تيارات سياسية، ولا شعب داخل تيار واحد، انه صراع بدأ في مكتب الارشاد ليمتد الى مصر

كنت سأنتخب أبو الفتوح لانه ليس أبو اسماعيل، بتطرفه وجهله، وهو ليس العوا بدفاعه عن كل فشل العسكر وجرائمهم، وهو ليس خيرت الشاطر بتزاوج المال والسياسة! ولأن التيار المدني لم يكن بالقوة التي يكتسبها اليوم مع كل المسخرة التي تجري في مجلس الشعب.

أبو الفتوح وحتى لو كان صادق النية، وحتى لو كان كل التشوش في الافكار، بين برنامج يميل يساراً، وأفكار أكثر تطوراً من اغلب الاخوان والسلفيين اليوم، لا يزال ابو الفتوح الذي قضى 40 عاماً في الاخوان، دافع عنهم دائماً، ولم ينتقدهم بشكل علني طوال كل تلك العقود، والجماعة يمينية اقتصادياً، واصولية فكرياً، كل ذلك ترك له الكثير من التخبط، وهو -ومع احترامي لجميع أعضاء حملته وهيئتها الاستشارية- لن يستطيع ان يشرب كل الافكار التقدمية التي يلح بها اعضاء الحملة، فما بالكم بالحرج الذي سينجم من دعم اقطاب سلفية كبيرة له؟ كيف سيستطيع أن يحجّم كفرهم بالثورة والحريات وعكهم في الاقتصاد والمجتمع بالرغم من جهلهم المفزع/ المضحك؟ أبو الفتوح ليس متسقاً مع برنامجه! الفكرة لامعة فعلاً، حملة من كل التيارات، ورجل أبيض الشعر، مظهره ينم عن حكمة كبيرة، وشباب مازال يتحسس المجال السياسي بكثير من الرومانسية، ويصدق ان الاخوان ممكن يبطل يبقى اخوان!

سبب أخر يفزعني من فوز أي مرشح ب"خلفية اسلامية"، فالسلطة مفسدة، وإن افترضنا حسن النوايا، فالسلطة مفسدة، وكما حدث لكل أحزاب السلطة في تاريخنا، سيحدث للتيار، سيحاول الهرم المحافظ حل محل الهرم المشوه، بين الحرس القديم القائم اساساً على كوادر التنظيم الطليعي والاتحاد الاشتراكي-الحزب الوطني لاحقاً- وجمعيات جمال وعز، في الدنمارك مثلاً تفوز الاحزاب على الاكثر ب20-25 % من البرلمان، واحياناً يترك حزب الاكثرية تشكيل الحكومة للحزب الثاني-او هكذا قال احد اعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي في الدنمارك في ندوة في الديمقراطي الاجتماعي المصري- حتى لا يفسد.

اما حمدين، فلم يسجن بسبب صفقة فشلت الجماعة في تنفيذها حتى النهاية-كما حدث ايام النقراشي، عبد الناصر، والسادات، وهو متسق فكرياً مع برنامجه، انحيازاته واضحة منذ البداية، وفرصه في زيادة مستمرة، اذا استطاعت القوى التي قالت لا في الاستفتاء، أن توجّه اصواتها كلها له، بعيداً عن الفلول والتيار "الاسلامي" لاستطعنا أن نوصله للاعادة، أمام عمرو موسى او مرسي، وقتها سيكون الخيار الاكثر منطقية



http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=14052012&id=70cd592f-b421-4ecb-9256-5ee449734765
http://tinyurl.com/brkmmtj
http://tinyurl.com/bp2u2yf

0 comments: