المشوه

by~Koizumi-Michiyo




كان منبوذاً، فهو الكاذب أبداً، فلا يُعقَل أن يكون قد قرأ لكل هؤلاء الكتاب في هذه السن المبكرة، ولا يعقل أنه يشاهد هذه البرامج المليئة ببائعين الكلام الذين لا يفهمهم أحد، ولا يُصدق انه قريب بشكل ما من كل هؤلاء الأعلام، هذا إلي جانب ثرثرته بكلام غير مفهوم، لم يصدقه أحد، فلا يعقل أن يمتلك أحدهم كل هذه المباديء، بالرغم من بساطتها، في هذا الزمن الذي أصبحت فيه الأخلاق نكات، والمباديء شعارات، فيما أصبح كل من الكذب والنفاق والسرقة سمات تدل علي الذكاء الإجتماعي.

حين وصل إلي دوامة البلوغ، كان الوحيد الذي لا يدخن، الوحيد الذي لا يمارس العادة السرية، الوحيد الذي لا يسرق والديه، الوحيد من بين أصدقاء الذي يبدأ التفكير في أي شيء من نقطة الدين، لم يكن الدين لديه عبادات وشعائر أقل ما يقال عنها انها تقليدية صماء، تمارس فقط للتأكيد علي استمرار مؤديها في الاعتقاد بدين العائلة، بل كان مبادئ، طريقة حياة، كان كثيراً ما يبكي أثناء الصلاة، حتي أنه نصح أصدقائه بجلد أنفسهم بعد أول مرة شاهدوا فيها فيلمً إباحياً.

مع الوقت إزداد توغله في التدين، أطلق ذقنه وحلق رأسه، ربما فعل ذلك ليحتك بمن يضطهد المتدينين، فهو لم يكن مؤمناً أبداً بأن هذه المظاهر جزء من الدين، صار مملاً بالنسبة لكثير من أصدقائه، فهو لا يكف عن الكلام عن الدين، وكيف أنهم مضطهدون في وطنهم، بل في العالم، فهم-بالنسبة له- يهود العصر، مبعثرون، يعيشون تيه الحاضر، لا بسبب العولمة، ولا التكنولجيا، وإنما بسبب البعد عن الدين، فبعد أن هُزموا عسكرياً، يحاول الآن البعض أن يصورهم كمهزومين فكرياً، ولكن هذا لن يحدث أبداً، فهو مقتنع تماماً بآرائه، فشعبه هو الشعب الوحيد الذي يستحق حكم العالم، فهم الأطهر، الأنقي، هم الأكثر ذكاءً، هم الأقوي، والأعدل، في حين أن الأخرين مغيبين، بل مضحوك عليهم، حثالة، بل أسواً، فلقد تطاولوا علي جميع المقدسات، المادية قتلتهم، "اللا نهائي الكمي" سيطر علي مخيلاتهم، بل أنه قضي عليها.

ظل هكذا حتي قابل فتاة من الشطر الأخر من العالم، ذلك الجزء الذي تسكنه الحثالة، كانا في معتقل يضم أصحاب الرأي، وكانا معلقيّن جنباً إلي جنب من أقدامهم، فكر كثيراً، وما أكثر الوقت الذي يتسع للتفكير في الماضي، تأمُل أسباب ما هو فيه، التحديق في المستقبل، توصل إلي أن ما هما فيه له سبب واحد، افتراض اليقين، فمن غير المعقول أن يكون كلاهما صحيح، بالرغم من تصور كل منهما أنه الأصح.

مع الوقت بدأ يتأملها، فهذه الحثالة أجمل بكثير من الطاهرات، بنات بلده، معهن يستطيع مقاوة الشهوة، فهن قبيحات علي أي حال، أما هي، فأشبه بإلهة إغريقية، فتاة من حلم جميل، فوجهها وجه ملائكي، جسدها يشبه ذلك الذي يتمناه الكثير من أصدقائه، حتي أنهم كانوا يحرفوا أحلامهم التي ظهرت فيها مثيلاتها ليصوروها علي أنها حقيقة، حرقته الشهوة، وهو المتدين
المتيقن، فأطلقوا صراحه .

قابلها بعد عدة أيام، مارسا الجنس، فندم، واكتئب، فمن الطبيعي أن يظل متأثراً لبعض الوقت بأفكاره القديمة، لم يخرج من هذه الحالة إلا بعد أن ضاجعها ثانية، أصبح غير مكترث بما يظنه الناس به، فهم لم يصدقوه حين أقسم لهم بأنه الوحيد الذي لا يمارس العادة السرية، بدأ يدخن السجائر، بعدما بدأ أقرنائه بعقدين، ومن بعدها الحشيشة، التي لم يتركها إلي بعدما عرفته صديقته بالخمور، يشرب البيرة بدلاً من "البيبسي" مع الغداء، ينهي سهرته بزجاجة فودكا او نبيذ، ظل هكذا، حتي شعر بأنه فارغ روحياً، لم يعرف كيف وصل إلي هذه الدرجة من عدم الإكتراث بال"لا نهائي"، كيف أدمن الشهوات؟، هل بسبب الضجر من القوانين التي فرضها الدين عليه-أو التي فرضها هو علي نفسه-؟، ام بسبب تكذيبه من قبل كل من حوله؟، اكتشف انه في الطريق الخاطئ، ولكن الأوان كان قد فات، فلقد أصبح مثلهم جميعاً، مشوه، ضعيف، غير قادر علي المبادرة أو التغيير، فأكلته المنظومة.

Align Right

2 comments:

  1. Anonymous said...

    7atta law el nas bet3alla2 3al facebook 3la el posts elli btoktobha, ana min ra2yi en koll el donia lazem te3alla2 hena, w teqra2 kalamak da!!

    kalamak byesta7e2 el qera2a wel ta2amol wana asba7t modmena 3al blog da, bad5ol w badeee3 feh, mish ba3raf a5roj tani menno :S
    w mish bamil meno...

    ana hafdal a2ool enak Mawhoob w btefham la7ad emta ya 3rby? :D

    Guess Who am I ! :)  

  2. 3rby said...

    Ranaaaa! :D