لقاء


صعدتُ إلي الحافلة، وبعد عدة محطات صعدت أجمل فتاة رأيتها في حياتي، جلست بجانبي...فتحولت إلي شخص مألوف، صديق قديم لا أتذكره، فقط الوجه مألوف، بدأ يحدثني عن أشياء عدة لا تعني لي شيئاً، أنصتُ بأدب لا أبديه إلا تجاه الغرباء، بدا الجالس أمامنا وكأنه يسترق السمع، فنظرتُ إليه وبدأت أتكلم مع صديقي عن الانحدار في مستوي الناس، وكيف لم يعد هناك من يُعني بشأنه الخاص، نزلنا في المحطة نفسها، لم تكن محطتي ولا محطته، بدأ يتكلم عن انتقاله حديثاً إلي جامعتي من الجامعة التي فُصل منها، فسألته عن السبب فذهب وعاد قبل أن تطرف عيناي بورقة مليئة باعتدائات بالسباب والضرب علي معلميه، لقد فعل ما كنت دوماً أتمناه، أشار بالوسطي للعالم، بأناسه الفضوليين وقوانينه السخيفة. ارتعبت منه...لا أعرف لماذا بالرغم من أنه كان كتوأمي القوي الذي لا يكترث، أخذتُ الورقة وركضت بنفس السرعة الغريبة، احتفظت بنسخة وأعدتها إليه، وحين عدت إلي المنزل أخذت أقرأ واتخيل ما كانت ستؤول إليه الأمور لو لكمت ذلك القوي الذي كان يركلني يومياً، أو ضربت تلك التي كانت تستغل نفوذها في المدرسة كابنة معلمة لمضايقتي، لو وصفت لتلك شعوري نحوها غير مكترث بردة فعلها، أو أوضحت لهذه كيف أني أعرف حقيقتها وبأن تمضية كل أيام السنة في ادعاء الشرف والعفة والبله لن يغيّر الحقيقة. ماذا لو قلت لصديقي الهامم بالإنتحار بأنني أفكر مثله تماماً في ماهية الحياة والهدف من ورائها بدلاً من خداعه بأغنية من لويس أرمسترونج او محمد منير عن جمال الدنيا، لو اني أستطيع أن أكون مثله، أعيش كما يحلو لي، أتبول علي مديرة المدرسة التي صفعتني حين مزقتُ صورة الزعيم، أصفع تلك التي وصفتني بالصغير علي السياسة بالرغم من أن عدد الكتب التي قرأتها يتجاوز تلك التي سمعت بها بكثير، أو أن أكسّر ذراع معلمتي في الصف الأول لكونها اول من نعتتني بالجنون، أو لعنتني به !!

0 comments: