كانت دائماً تحب أن يُعجَب بها الناس، بالرغم من الفقر وضعف التعليم وتدني المستوي الإجتماعي ، لم تكن تملك ما يدفع رجلاً للإعجاب بها، في الطفولة كانت تبتسم لأطفال الأغنياء في الحافلات المكيفة بالتقاطع الذي تعبره في الطريق الطويل بين منزلها القذر ومدرستها المتهالكة، ولكنهم كانوا ينظرون إليها بشيء من التعالي والازدراء، كانت سهام النظرات تشوه روحها يوماً بعد يوم، فترجع إلي بيتها محبطة، وهو ما كان يشوه أرواح عائلتها بدوره.
أدركت مع الوقت استحالة أن تشبه "بنات الناس"، فهي بالنسة للمجتمع كيان مجهول، يراه من بعيد، ، هي حالة ما، فلم يحاول أحدهم يوماً أن يدرس أو يحل مشاكلها، هي هكذا وستظل هكذا، وكأنها كائن فضائي، لن تستطيع مداعبة أهلها بدلع الفرنسية، أو أن تعبّر عن سخطها بحزم الانكليزية، الأحزية بالنسبة لها كلها واحد، لن تعرف الفرق بين "الجلادياتور" و"البالورينا"، هي غير راضية عن أشكال الذكور الفقراء مثلها، وهم المتاحون للحب، ولن تتمكن من حب الصبية المهندمين، وهو ما انعكس علي جسدها مع بلوغها، فهي لم تتلق إعجابًا يوماً لجمالها، بل لفوران جسدها، الذي لم يشبه يوماً أجساد ممثلات فترة الأبيض والأسود، القابل للحب، وجوههن الجاذبة للقبل، بل أجساد راقصات السبعينات اللاتي تحولن لتمثيل أدوار العاهرات، أدوار نصف حوارها كان تأوه وإيحاءات بذيئة.
حبها للفت الأنظار جعلها تفكر في التمثيل، ففي تلك الحقبة لم تكن الموهبة مطلوبة، بل حجم ثدييها، وقدرتها علي افتعال الاثارة، التمثيل سيوفّر لها الاهتمام الذي افتقرت له طوال عمرها، مع عذر للاثارة الرخيصة، عذر لن يقتنع به أحد، لا هي ولا جمهور جسدها العطش للجنس، تسللت الي الوسط عبر غرف النوم، صعدت السلم علي ركبتيها كما في الوضع الكلابي، ظنت انها بدخولها الي هذا الوسط ستتعرف الي من كانوا ينظرون اليها بتعالي من حافلات المدارس المكيفة، مع الوقت اكتشفت ان الوسط مليء بأمثالها، وأن ابناء الأغنياء تغيروا، لم يعودوا يستمعون الي الموسيقي الكلاسيكية، لم يعودوا يشاهدون السينما الايطالية، تركوا المسارح، لم تتغير أذواقهم، بل تغيروا هم أنفسهم، اكتشفت ان من ينظرون الي مؤخرتها بكثير من الشهوة، من يصطنعون نظرات التأفف-ولكن هذه المرة من أسفل المسرح لا الحافلة- هم أنفسهم من كانت لا ترضي عليهم من صبية الحي الفقير، شقوا طريقهم الي أعلي السلم عبر طرق أخري، ولكن بنفس المنطق الجشع المتسرع الفارغ من المعني، اكتشفت انها وبكل ما تملك من اموال، لا تزال تعيش في نفس البيئة العفنة، وأنه كان عليها أن تتجاهل بعض النظرات غير المقصودة من بضعة أطفال، وأن تعتمد علي شيء أخر غير مؤخرتها، فالأرداف لا تري.
1
السيد المدون،
تحية طيبة وبعد..
نصدر في القاهرة مطبوعة ورقية بعنوان "وصلة"، تهدف "وصلة" إلى أن تكون حلقة وصل بين المدونين ونشطاء الإنترنت وبين قادة الرأى العام والإعلاميين والجمهور العادى الذي قد لا يمتلك القدرة على متابعة كل ما يجري على الانترنت.
ونحن ندعوك للمشاركة معنا في "وصلة" من خلال السماح لنا باستخدام تدويناتك، وإعادة نشرها في "وصلة".
-برجاء: سرعة الرد.
ابتسام تعلب
الايميل : wasla@anhri.net
موقع وصلة : http://wasla.anhri.net/