كان أول يوم لي في هذا السجن بعد أن انتقلت إليه من أخر، بداية جديدة لحياتي، ككل السجون التي نزلت بها، ككل البدايات التي انتهت قبل حتي أن تبدأ، لم يكن هناك شيء مختلف، لكني كنت أعتقد ذلك، نظرت للأعلي مبتسماً لأختبر ذلك الشعور الذي يدّعيه الممثلون في الأفلام الأجنبية، كانت الشمس ساطعة أكثر من اللازم نعم، لكنها ليست ما جعلني أنزل عيني قليلاً، هي التي فعلت، أعترف بأن أول نظرة لم تكن لعينيها كمحبوباتي السابقات، فصدرها كان ملفتاً حقاً للنظر، كبير ومكتنز، ذو شكل كروي جميل، بصديريتها البنفسجية التي كانت ظاهرة من هذا البعد تحت ملابس السجن البيضاء.. في تلك الشمس القوية، لم يكن جسدها جسد فتاة، بل جسد امرأة، ولكني سرعان ما رفعت عيني لوجهها، كان هناك شيئاً مميزاً فيها، ربما الخليط بين الملامح الزنجية والبشرة الفاتحة، بعينيها الواسعتين وشفتيها الممتلئتين اللتين لا تملك سوي أن تحلم بتذوقهما يوماً ما، بخديها المتوردين، وانفها الأفطس، يقولون أن أول نظرة تعني كل شيء لأنها تعرف كل شيء، للأسف أول نظرة كانت لنهديها، لكنني أحببتها بعدما شبعت من النظر إليهما ورأيت ما في عينيها من عمق .


بدأت هي تقترب مني، ربما أدركت أنني لا أعرف كيف أتودد إلي الفتيات، لم أكن أعرف أبداً، عرفت منها انها سئمت هذا السجن، فقد جاءت إليه حين كانت طفلة، ففي مثل هذا البلد، وفي مثل ذلك السن ينتقل الأطفال لهذا النوع من السجون حيث يتحولون لكائنات مقرفة، مُصطنَعة، لا تعرف شيئاً عن أي شيء، و متناقضة إلي حد بعيد، حاولت ابهاجها بقولي لها بأنه علي الأقل أفضل من سجني القديم، فلا أحد يسخر من الأخر، وهناك فتيات بنفس عدد الفتيان بل واكثر، وهو بالتأكيد لم يقتل روحها، فابتسمت لتجاملني، ولكنني كنت أستطيع أن اري الحزن في عمق عينيها.

لا أعرف لماذا كنت أتجاهلها كلما حاولت التودد إليّ، بالرغم من اني كنت اراها الأجمل والأذكي من بين كل فتيات السجن، قليلات هن من يتمتعن بالجمال والذكاء معاً، بدأت توضّح هذا التودد حتي ان الناس كانت تنظر إليّ وهي تغمغم: ما هذا الاحمق!، ألا يعرف من هي، ألا يري هاتين الشفتين وهذين النهدين؟!.

غضبتُ كثيراً من زميلنا في الحبس الذي نصحني بالابتعاد عنها لأن سمعتها ليست بالجيدة، لم أصدقه، فقط فهمت انه أحدهم، فقد كنا محاطين بمجموعة من ضيقي الأفق، كان العالم بالنسبة لهم فتاة جميلة تُضاجَع، الذهاب إلي السينما لمشاهدة فيلم لا يحمل أي معني، ملابس جديدة، سيارة، ونغمة مسخ تشبه الفن ولا تقول أي شيء، ذكرتني بنفسي كثيراً حين جاوبت مأمور السجن بشيء من الذكاء وبدأ الجميع يسخر منها، ففي مثل هذا البلد يجب أن تخبئ ذكاءك إن أردت أن تكون محبوباً، وكلانا لم يكن يفعل .

تركنا السجن وتفرقنا علي سجون أخري، ففي النهاية يجب أن نُخلي مكاناً لجيل جديد من الأطفال الذين لا يستطيع ذووهم الإنتظار أكثر لتشويههم، فلا يصح أن يظلوا سُلامً حتي ذلك السن، قابلت أحد زملائنا القدامي، تحدثنا عن أخر صيحات التعذيب في سجنينا، استرجعنا ذكريات سجننا الجميل، هناك كنا نُعذَب، نعم، ولكن في وقت الزيارة فقط، أما بقية الأوقات فكانت مليئة بالمرح، كان السجن الوحيد الذي أينما مشيت فيه سمعت ضحكات، رأيت نظرات مختلسة، تستطيع أن تشتم الفرح في أرجاء المكان، أتي علي ذكرها قائلاً انها كانت جيدة في الفراش، فهو يعرف هذا تماماً، ككل المساجين، كنتُ أتوقع انها مارست الجنس، لكن ليس مع أي احد، ليس معه هو بالذات، فلقد كان بالكاد يعرفها.

لا أعرف لمَ لم أفكر فيها كعاهرة قط، حتي حين سمعت ما قاله، بالرغم من ندرة حديثنا ولكنني كنت أعرف عنها الكثير، ربما كانت تريد لفت الانتباه لكل ما عانته في حياتها، ولكن زملائنا في السجن لم يكترثوا، احتاجوا فقط لسد احتياجاتهم الحيوانية، فاقتربوا منها، لكن ليس كما فعلت أنا، من المؤكد ضاجعوها دون تقبيلها أو ضمها حتي، كلهم اقتربوا منها، ولكن.. لم يعرفها غيري ..فأنا لم أقترب منها قط

2 comments:

  1. ظل السماء said...

    إحم إحم أنا أول تعليق
    شعور جميل :))
    و بما إني أول تعلييييييييق فراح آخُد راحتي بالكلام و لو سمحتُم ما حدا يقاطعني :)

    أولاً : الفتاة! مش هقدر أتجاهل وصفك ليها و جُرءتك بس وصف.. الجميل فيه إنو حقيقي أو باين يعني إنو صادق فعلاً !
    ثانياً: السجن! هو إيه بالظبط??
    الدُنيا عموماً و الا الوطن و الا المُجتمع و الا الناس و الا إنت, نفسك يعني?!!!
    ثالثاً: الأصدقاء أو ما نُسميهم بالأصدقاء الذين دوماً يتقمسون دور الواعظ الطيب و هُم ليسوا كذلك أبداً!
    رابعاً : نظرتنا للأسف يا عربي لأي امرأة باهظة الجمال (نظرة الشباب يعني ) و خصوصاً أن تكون غير مُسلمة أو غير مُحجبة -وات إيفررر يعني- مش راح تتغير
    و قلييل اللي بيفكر متلك !
    خامساً:
    "لا أعرف لمَ لم أفكر فيها كعاهرة قط، حتي حين سمعت ما قاله، بالرغم من ندرة حديثنا ولكنني كنت أعرف عنها الكثير، ربما كانت تريد لفت الانتباه لكل ما عانته في حياتها، ولكن زملائنا في السجن لم يكترثوا، احتاجوا فقط لسد احتياجاتهم الحيوانية، فاقتربوا منها، لكن ليس كما فعلت أنا، من المؤكد ضاجعوها دون تقبيلها أو ضمها حتي، كلهم اقتربوا منها، ولكن لم يعرفها غيري فأنا لم أقترب منها قط"
    هادا اللي بقصُده من رابعاً :)))

    سادساً : جميل و جنون ايضاً  

  2. 3rby said...

    رنا رنا رنا :))

    انتي اول حد يقراها-لاني منزلها عالفيسبوك من زمان- ومايعرفش ايه هو السجن :D

    مش هاينفع اوضح

    ثالثاً: عالم وسخة

    والله محجبة مش محجبة الكل بيبص للأنثي ك
    object

    انا وريتهالك عشان حتة الجنون ديه :D