نظر إليّ بحنو مفتعل قائلاً:
"عاوز انططك"-
وعندما رفضت مبرراً بأنني أزدري من يمارسون الجنس بلا مشاعر، رد حاسماً
"حظاً موفقاً مع العادة السرية"-
بدأها قبلي بسنوات طوال، أو ربما بدأت أنا متأخراً قليلاً، أو كثيراً، يختلف التوقيت بين ساعتينا البيولجيتين باختلاف تجاربنا، غيّرنا الموضوع ليكلمني عن تجربته في المعهد الهندسي، أو "خبرته" كما يحب أن يسميها:
" أحد عشر عاماً وثلاث معاهد، لم أشعر بيدي إلا وهي تصفع الدكتور لتعادل صفعة زميلي على الخد الآخر بعد أن وبخنا في المعمل على كسر انبوب اختبار تافه، ثلاثة أعوام مرت عليّ في نفس السنة الدراسية عقاباً لي على تلك الصفعة، كانت كفيلة بإقناعي بترك المعهد، نقلت أوراقي لآخر لكنني تركته لبُعده عن مسكني، أما الأخير فقد كان جنون مطلق، مليء بالأطفال، أكبرهم كان يصغرني بأربعة أعوام"
كل تلك "الخبرة" لم تردعه عن مجادلتي بأننا نستطيع رفع قدرة البطارية بإستخدام محوّل بسيط، فأوقفته بعصبية
-"لما نفوق يا معلم لينا كلام تاني"
مرر لي سيجارة الحشيش المشتعلة، واستكمل كلامه عن تجربته الدسمة: "هؤلاء الأطفال لا يفهمون شيئاً على الإطلاق، وأنا كنت أريد أن أريح دماغي أثناء الدراسة، دخل أحدهم علىّ في قاعة المحاضرات سائلاً عن السنة الدراسية، أجبته بعمري: 26 سنة، حاول مداعبتي فسألته، عندك كام سنة يا بني؟ تعالى واقعد هنا"
وأشار إلى مستوى أقل ارتفاعاً، ضحكت لتلك الإشارة، تصوّر نفسه ملكاً لفرط غبائه
أشعل سيجارة وأخذ يحدثني عن "خراء الحياة"، فقد ضاجع زميلة له أثناء الدراسة، حملت منه فعرف أهلها، وأجبروه على الزواج منها، اضطر أن يتزوجها، وهو الذي ضاجعها على مضض بعد أن ضاجعت هي جميع الزملاء، لم يبتسم له القدر ليستمتع أثناء القذف، بل ضحك متهكما بعد أن انقطع الواقي الرديء
كان يهرب من مدرسته البالية ليلعب "بولينج" مع أبناء في حي قريب من ضاحيته، وفي رمضان يشرب البيرة في السحور حتى يحس باختلاف اليوم اللاحق عن بقية أيام السنة، جوع وسُكر أفضل من جوع فقط، يشرح، يتجول في المجمعات التجارية ويدقق في الأرداف المحشوة في البناطيل حشواً ، يتعلق بالاوتوبيس الأخير في الخط ليسهر في أحد العوامات الجهنمية، أو أمام أحد نوافذها بالأحرى، صحيح أنه لم يعرف أبداً الفرق بين الرفع والنصب في كتب النحو، لكنه يعرف تماماً الفرق في الحياة، أحدهما أقل عنفاً، كليهما سيوفران المال الكافي لدخول العوامة بدلاً من أن يتلصص حتى نهاية العمر
استأذن وقام ليودعني، فهو سيستيقذ مبكراً ليلحق بكتيبته، سيستفيد الجيش من "خبرته"، وهو يرغب في الموت، و لا يكترث إن كان أحدهم سيستخدم تضحياته لخلع بزته العسكرية وإجبار البلد على ارتدائها، فنحن نحتاج لرجل عسكري كما يرى... نحن شعب قليل الأدب، وأنا أحتاج الشهادة، بل أشتهيها كما اشتهيت زميلتى تلك، الفارق أن في الجيش لا يوجد واق صيني، حين تخلع بزتك سيهرب الجميع، تُنزِل في وجه الشمس وسيصفق لك الشعب، قليل الأدب