إشتاق للحب، لم يعد يتحمّل الألم بداخله، لم يعد يمتلك هذا الشعور، ماذا كان يسميه؟ آه!.. الشغف بالحياة، لم يعد يأبه بأي شيء، لا فرق عنده الآن بين الحياة والموت، بين الصحة والمرض، بين الإعجاب والشهوة!
لا يذكر بالتحديد متي بدأ يسأم من الأشياء الجميلة، من الخطوط المستقيمة التي كان يؤمن بها، كيف تركهم يفعلون هذا به؟، كيف استطاعوا أن يستنسخوا شياطينهم وايداعها به؟، ولماذا ترك هذه الشياطين تنال من روحه؟!، حتي أصبح الأقبح علي الاطلاق! كيف حوّلوه من راهب، لا يفعل شيئ سوي الحب، الأمل، والتفكير، إلي ذلك المسخ؟، هل أراد ذلك من الداخل؟، يتذكر كيف سخروا منه حين عرفوا بانه لا يعرف كيف يجلد عميرة، الأن هو قادر علي تعليم ابليس نفسه الطريقة المثلي، فعدد مرات جلده لعميرة في اليوم أكثر من عدد أكواب المياه التي يشرب.
أصبح غير قادر علي رؤية السماء، بعد أن كان يمل من التحديق فيها، أصبح يسير غاضباً، بعد أن كان يغني حتي ينعته المارون بالجنون، لم يعد قادر علي منع نفسه من النظر إلي أجساد صديقاته، لماذا يرتدين هذه الملابس علي أية حال؟، لم يقتنع قط بهراء الحرية المطلقة!، ليس في مجتماعتنا المشوهة علي الأقل، لماذا عليه أن يستمع إلي حديث فتاة عن الجنة، وكيف أنها رأت أحد الأنبياء في منامها، بينما يمكنه تأمل الإنشقاق بين نهديها؟!، عبر قميصها الشفّاف، والذي ارتدته حتي تُري العالم جمالهما، ربما لهذا علاقة بالدين في نظرها!، ربما أرادت أن تُري العالم كيف تكون العظمة الإلهية، فالإبداع في جسدها أجمل بكثير من طبيعة بلدهم الحار، لونها المائل للحمرة في ذلك الجو المُهلِك أجمل بكثير من الصحاري الصفراء الممتدة خارج المدينة، لا بأس في سماعها، لكن علي الأقل عليها ألا تحدثه عن استغرابها من تحديق الشبان بمؤخرتها، فلا يصح سؤال العطشي عن سر شربهم لماء بئر في صحراء ملتهبة، فقليلات هن من يمتلكن مثل هذه المؤخرة.
ربما عليه إنتظار حدوث احدي مصادفات الأفلام الرومانسية الساذجة له، عند إذ سيقع في الحب، فهو سيعرف حينها كل الإجابات الصحيحة، وكل الأسئلة المنطقية، ماذا لو كانت حياته هي احدي هذه الأفلام، بحيث لا يستطيع أن يري سوي عينيّ البطلة، أذنيها، ربما منحني كتفها، لكن لا شيء أكثر من ذلك، علي المخرج تدبير هذا الكادر، فهناك يقع الجمال الحقيقي، فلا نهود، ولا أرداف، فإن أمعن أي شخص التفكير سيجدها فكرة منطقية تماماً، فأرداف اللاتينيات التي يعشقها الجميع لا تختلف كثيراً عن كتل اللحم المترهل في الضواحي، جميعها مجرد جزء من آلية مشتركة للسير والإخراج، وهو ما يدعو للتفكير، لابد إذاً أننا مخلوقات ملعونة، نحن جميعاً كارثة علي هذا الكوكب!.
أين الأمل إذاً؟ هل علينا شق بطون الحوامل، حتي نطهّر العالم من كل تلك الآثام، من كل ذلك الهراء المسمي بالإنسانية؟ أم علينا أن نفقد الذاكرة؟، فلا نتذكّر كل القيّم الطفولية التي خُدّرنا بها عن حقيقة العالم حين كنا صغاراً، هل سيحب مجدداً؟