الثورة صنعت في الشارع بينما كان الانبا شنودة يخوّف منها في الكاتدرائية، الفتنة خُطط لها في وزارة الداخلية بينما كان الأنبا شنودة يخوّف من الاخوان في الكاتدرائية، الدستور يُعَدّل بينما الأنبا شنودة يخوّف من اللجنة المُعَدِلة في الكاتدرائية، مصر بلد فريد من نوعه، الشرطة فيها بتحدف المتظاهرين بالطوب، والأقلية الدينية -المطالبة بالعلمانية- بتمارس السياسة جوة الكنيسة
(الكلام عن الانبا شنودة بما انه بابا اكبر كنيسة في مصر ورمزها، بس كنائس كتير تانية عملت نفس الشيء)
توحيد رأي المسيحيين تحت رؤية الكنيسة هايضر الوجود المسيحي في الشارع المصري اللي بيشكّل المستقبل وانا باكتب السطور ديه، زي ما الثورة نجحت لعدم وجود قيادة تتحدث باسمها، فالتواجد المسيحي في الشارع هايستفاد اكتر لو كل مسيحي قال رأيه، لما تتكلم عن-مع- ملايين المسيحيين احسن كتير-بالنسبة لمصر كدولة مدنية- من انك تتكلم مع شخص او مجموعة اشخاص متخصصين اساسا في الدين(هنا انا مش باقول رأي الكنيسة صح او غلط، مايهمنيش لأني مسلم) لازم كل مصري يقول رأيه، هو عاوز مصر ازاي، مش هو واثق في رأي مين اللي عاوز مصر كده او كده
عاوزين مكرم عبيد و فخري عبد النور و القمص سرجيوس وويصا واصف وجورج خياط ومرقص حنا وواصف بطرس غالي جداد... ببساطة نجيب جبرائيل مالوش اي وزن في الشارع، لازم كل مسيحي يحدد اتجاهه السياسي وينضم لحزب سياسي نضيف او حزب قذر ويساهم في تنضيفه، والا في لحظة تحوّل تاريخية زي ديه احوال الاقباط هاتزيد سوء، العلمانيين اللي زي حالاتي في البلد ديه مش كتير، ولا الاسلاميين الوسطيين امثال الاخوان وحزب الوسط، معظم الاسلاميين-المؤثرين في الشارع بحكم الجهل والطابع المتدين للشعب المصري- هم السلفيين اللي حاربوا الثورة، ودلوقتي بيرفعوا شعار اسلامية في مؤتمر في طنطا ومظاهرة في الهرم، واسلامية هنا مصطلح فضفاض جدا وغيرو اضح ومانعرفش هايودينا لأي نموذج للدولة الاسلامية المنشودة، انا عن نفسي شايف ان الرؤية السلفية لل"دولة الاسلامية" خطر علي بلدي وعلي ديني، ممكن حد تاني يختلف معايا، وديه الروح اللي عاوزينها، الشعب يقرر هو عاوز ايه، بس الاحسن ان كل الشعب يقرر، مش جزء صغير هايشارك، والباقي يتفرج وبعدين يقول اصل ماحدش عمل حسابي
لازم كل مسيحي ينزل كل جمعة يصلّي في التحرير مع المسيحيين اللي بيصلوا كل جمعة هناك قبل صلاة المسلمين، لازم المسيحيين يشاركوا في السياسة، لما المسيحيين يتكلموا عن الدولة المدنية والتيارات السياسية العلمانية بأنواعها تتكلم عن دولة مدنية صوتنا هايبقي أعلي، الكلام عن اخذ حق شخص غير موجود عادة بيبقي مقبول، بس الشخص ده لو واقف جنبك، بتناضلوا عشان بلدكوا، عقل الشخص اللي اعداء الثورة بيحاولوا يستخدموه في تخويف الغرب من الديمقراطية عن طريق ترديد شعارات راديكلية، عقله مش هايقبل فكرة اقصائك
ارجوكوا فكروا في مصر كبلد ليكوا فيه زي اي شخص من اي ديانة تانية، ارجوكوا اتكلموا بصيغة "احنا" عنّا كمصريين، مش عن "شعب الكنيسة"، ارجوكوا شاركوا النهاردة في تغيير المستقبل، والا اي كلام عن تمييز هايبقي عبثي، ماينفعش حد يفضل ساكت وبعدين يقول اصلهم مادونيش حقي
عن المادة التانية في الدستور، دلوقتي اعداء الثورة من الاعلاميين ورجال الدين ورجال الاعمال بيتكلموا عنها مع انها مش مطروحة للتعديل او الحزف من اللجنة المُشَكّلة، المادة ديه دخلت الدستور في ظرف تاريخي، للأسف اتمررت لأغراض شخصية، بس ده مش وقتها، تغييرها او استمرارها محتاج نقاش مجتمعي بين كل المصريين، مسلميين ومسيحيين، وسطيين وسلفيين وليبراليين وارثوذكس وكاتوليك وبروتستانت وبهائيين، النقاش ده عاوز وقت، وتثقيف عن معني المادة وجدواها والظرف التاريخي اللي اتحط فيه، محتاج استقلال حقيقي للأزهر والكنيسة عن سلطة الدولة لفترة تكفي لاختفاء التيارات الراديكلية داخل كل الاديان والطوائف اللي بتستغل التصاق المؤسسة الدينية بالدولة، محتاجة ان ال30% امية تختفي، معاها هاتختفي الطائفية، انا مصري مسلم ضد الصياغة الحالية بس شايف ان مش وقت النقاش حولها خالص، دلوقتي وقت بناء ديمقراطية سليمة
اطلعوا برة الجيتو وشاركوا في تشكيل وطنكوا كمصريين مسيحيين، مش كمسيحيين مصريين، زي ما مسيحيين كتير شاركوا في الثورة، لازم مسيحيين اكتر يشاركوا في الحياة السياسية
الناهردة كان يوم تاريخي بكل المقاييس، اليوم بدأ باني قابلت صحابي وزمايلي في الجامعة(آينش، طارق الخطيب، دودز، شريف علي، وعبد الله سليمان) الناس ديه عمرها مانزلت مظاهرات، وده كان اول فأل حسن، كسر حاجز الخوف
روحني وسط البلد مع بعض، بس كل 2 عاملين انهم مش عارفين الباقيين، بعدين عرفت ان فيه مظاهرة هاتبدأ في جامعة الدول، وصلنا هناك بدري بساعة، فقعدت في قهوة وشديت حجرين، في الطريق لهناك كان فيه 3 عربيات امن مركزي وبوكس، في تقاطع الطيران مع الاوتوستراد، وفي الجزء اللي شفته من العباسية، والجزء اللي شفته من رمسيس.
بعد كده الناس قالت ان المظاهرة اكبر بكتير في التحرير، فمروحناش مظاهرة جامعة الدول بعد ماستنينا قريب منها حوالي ساعة، وخدنا تاكسيات عشان نوصل التحرير، نزلت في عبد المنعم رياض، واتجهت ناحية ماسبيروا، عشرات عربيات الامن المركزي، مخبرين وعساكر بطول الرصيف من هيلتون رمسيس لحد بعد ماسبيرو ووزارة الخارجية
بعدين رجعنا علي التحرير، في الوقت ده توهنا من بعض، طاطا روّح، وفضلت انا وشريف، اينش وعبد الله كانوا في مصطفي محمود علي حسب علمي، ودودز تاه مننا، بعد كده لما طاطا عرف ان الناس موجودة، واننا كنا بنروح الاماكن بعد ماتتفض، رجع تاني
وصلنا التحرير، ناصية كنتاكي، حوالي 30 متظاهر، معظمهم وجوههم غير معروفة بالمرة، شريف سخّن الناس بالهتاف، وبدأنا نلتحم مع الامن المركزي، بسهولة-الخوف- قدرنا نكسر الحاجز ده، الشارع الممتد لطلعت حرب، كسرنا فيه كردون تاني او اتنين، وفضلنا رايحيين من التحرير لطلعت حرب-رايحيين راجعين-، كنت ماشي قدام الناس بعلم مصر وباهتف زي المجنون وبابكي، لما بصيت ورايا لقيت ال30 بقوا 500
كان فيه ولية مجنونة من ال30 الاولانيين، قالت تحيا تونس قلنا تحيا تونس، قالت تحيا ايران قولنالها لأ، قلتلها اعدموا من يومين 3 من نشطاء الثورة الخضراء، قالتلي لا اعتقلوا عملاء، وبدأت تخبط وتمسك ايدي بعصبية، مارضيتش اقل ادبي عليها عشان ست كبيرة،
جالنا شخص شكله مخبر، وقال فيه مظاهرة تانية في التحرير تعالولنا، ومشينا وراه في شارع مافيهوش كردون، طلعنا منه قدام المتحف المصري، لقينا عدد حوالي 300 متظاهر تانيين، فضلنا نهتفن وفاجئة لقينا الاف بيجروا ناحيتنا، كسروا الحواجز من ميدان مصطفي محمود لحد التحرير، جم من كوبري قصر النيل، الامن حدف قنابل مسيلة للدموع، شيلناها ورميناها عليهم، كعادته اينش بيكلّم نفسه
:P :D
لقيته فاجئة قدامي-المرة الوحيدة اللي شفته فيها في المظاهرة- شايل قنبلة غاز-بتبقي سخنة جدا- وبيقول: مش بتموّت علي فكرة يا جماعة وبيحدفها عليهم، اينش ايده اتحرقت، العساكر تعبوا من القنابل لانهم لازم يفضلوا واقفين مكانهم، فجت عربية مصفحة من اللي بيبقي عليها مدفع مية، مشيت بسرعة جنونية بيننا وهي بترش مية، رجالة قلوبها ميتة نطوا عالعربية، خلعوا المدفع وفككوا ال
pump
وكسروا الازاز ونزلوا الظابط، اتطحن ضرب وطلع يجري، وهنا نلاقي غباء مبارك اللي حوّل الشعب لحرامية وميكانيكية لما اهمل التعليم، العربيات اتفممت وهي ماشية
بدأنا نتقدم، بعد ماكنا واقفين في المنطقة من المتحف المصري لنص التحرير، وصلنا لحد شارع الريحاني، ضربوا غاز تاني، وطوب، وقنابل مسيلة، جسمي تلّج، ماكنتش حاسس ان الناس بتجري، روحت عالمطافي ببرود غريب والمدفع بتاعها عليّ وعساكر كتير بتضربني بطوب كبير، احنا كنا بنحدف طوب صغيّر، هم كانوا بيحدفوا علينا بلاط، ورميت حجر عشان اكسرله الازاز، خدت 7 طوبات في جسمي، وتقدمنا تاني وكنا متحاوطين، امن مركزي علي يميننا وشمالنا وفي وشنا، كسرّنا عربيات امن مركزي، وعربية مطافي، ولاول مرة اشوف عميد واقف بيتحايل عالناس ويقولهم: انا معاكم، اول مرة اشوف الاف العسكر بيجروا، اول مرة اشوف شخص قعيد جاي يتظاهر، وعيال صغيرة، وناس عمرها مانزلت في حياتها، الشرطة كانت بتجري تبعد عنّا في 3 اتجاهات الميدان بتاع تقاطع الريحاني مع شارع مجلس الشعب، قبل مايمشوا فككوا عربية المطافي عشان مانستخدمهاش ضدهم، خدنا خوذ ودروع العساكر، والكردونات الحديد استخدمناها ضدهم
كان فيه راجل لابس جلابية بيضة وملتحي، الاول هتف هتافات وطنية، ولما قلبها هتافات دينية الناس قعدت تقول: عاش الهلال مع الصليب، فاتكسف وسكت، وبعدين هتف معانا
ظباط امن الدولة لما ضرب الطوب من الجانبين اشتغل، هربوا، هم وظباط الامن المركزي، وبقينا احنا والعساكر، كانوا بيرموا علينا طوب بغشامة، لما الناس ماكنتش بتخاف وتقف مكانها وهم بيجروا علينا، او حتي تسصقّف، او تجري في اتجاههم، كانوا بيرجعوا تاني ويجروا، مع ان كتير مننا كان متصاب، اللي مجّبر ايده ومكمّل، واللي واخد 7 غرز في دماغه ومكمّل-زي شريف علي- ، اغمي عليّ لما خدت طوبة في دماغي، رماها متظاهر ملوي مش عارف يحدف عدل، فضلت كل ماقوم اقع تاني لوحدي، وفضلنا في مناوشات، نتراجع ونتقدم، لحد اخر مرة يضربوا فيها قنابل غاز، كنت اول صف، فلما جرينا كنت اخر صف، اترمي حوليّ 5 قنابل عالاقل، واختلف احساس حرقان العين وتهيّج الجلد، لضيق في التنفس، وحول، ثم عمي جزئي، لحد ماوقعت، فضلت اتحرك وانا ساند عالسور الحديد اللي في الميدان، وبعدين كان لازم اوصل الناحية التانية، وقعت في مسافة 7 متر 4 مرات
مع الوقت الناس هديت، الروح كانت جميلة اوي، كل شوية حد يجيب عيش او ساندويتشات، ومية ويوزّع، الناس كانت بتتناقش كأنها اخوات، سمعت قصص غريبة، وقابلت ست كانت مسلمة وبقت مسيحية، هي وبنتها، قعدت تقول هم بيوقعونا في بعض، احنا كلنا واحد، بالمناسبة المظاهرة كان فيها مسيحيين كتير علي الرغم من موقف الكنيسة، قابلت راجل مزارع من الدقهلية جه مع دكاترو جامعة عشان يتظاهر، كان بيكلمني عن الديمقراطية وناصر ونجيب ومبارك، عن العدالة الاجتماعية والدستور.. حسيت انه كلام المثقفين جاب نتيجة، ديه من الحااجت اللي اسعدتني
انا شفت فلاحين وناس رجلهم مبتورة وشاب عنده شلل اطفال
كان فيه قيادة واحدة بس شفتها بعيني، الدكتور اسامة الغزالي حرب، وشفت في التلفزيون عبد الجليل مصطفي، وكان فيه عمرو واكد وخالد ابو النجا
الدروس اللي طلعت بيها من اليوم:
1-الامن المركزي والداخلية بشكل عام زي الصهاينة، جبناء، زي مابيقولوا شمع
2-قنابل الغاز بتبوظ الصدر اكتر من الشيشة والجوزة
3-الناس بجد وطنية، الغل في الهتافات اللي ضد الحكومة، والآسي والحب في النشيد الوطني، والبكي عالبلد، كل ده بيقول ده
4-مهم جدا ان مظاهراتك تبقي قريبة من الجامعة الامريكية.. كان فيه شوية مزز يا جدعان
D:
5-الحكومة مرعوبة، قطعوا الاتصالات عن وسط البلد كلها، وحجبوا مواقع كتير، مرعوبين
الكلام عن المعاناة مش ادعاء بطولة، كلنا كنا ابطال النهاردة، انا بس فخور بالكدمات اللي في جسمي، وحزين اني مامتش النهاردة زي اللي ماتو، الموت عشان مصر عالاقل ليه هدف، احسن من موت ممل في سريري، او اموت في حادثة عربية او بمرض من الامراض اللي وطّنتها الحكومة
تُصبِحون علي وطن
يناير 26
كان لازم اروح الجامعة عشان مشروعي، لما رحت استغليت الموقف وحكيت للدكاترة اللي في العيادة عاللي حصل من الطوبة، اني فضلت اقع اكتر من مرة، شكل الخبطة خلاهم يقولولي اني لازم اعمل اشعة مقطعية لانه في احتمال ارتجاج جزئي، بس انا خفت لان كان فيه اخبار عن ان الناس كان بيتقبض عليها لما تروح، واعراض الارتجاج الجزئي ديه زادت بالليل(تنميل في الجسم وزغللة في العين ودوخة) بس الحمد لله ربنا سترها لما نفذت اللي الدكاترة قالولي عليه
جمعة الغضب 28
أولاً: مبروك للمصريين... حتي لو مبارك ماتشلش لحد دلوقتي، بس مؤكد انه فهم ان الشعب المصري ممكن يثور بعد سنين من الإستكانة، وإن الحل الأمني صفر
ثانياً الأحداث: أصدقاء كتير.. قسّمنا نفسنا تلاتات من يوم 27، شوية مننا باتوا في بيت شريف علي، ودّعنا اهالينا-كان عندنا معلومات من أصدقائنا في الجيش بان فيه حالة تأهب عالية، ومن أهالينا في الامن المركزي بان فيه تفويض بضرب رصاص حي، كلمت امي وسألتها ان كانت متضايقة مني، وبعدين روحت البيت، سلمت علي اهلي، وقلتلهم عالتطورات اللي عرفتها، امي قالتلي اتشاهد، انتوا طالعين تجاهدوا، وبعدين طلعنا علي بيت شريف، شغّلنا قرآن، نمنا لساعات قليلة جداً، صحينا صلّينا وطلعنا، اتحركنا لميدان الجيزة، في الطريق، امام جنينة الحيوانات قابلت الأستاذ عبد الرحمن يوسف والدكتور محمد أبو الغار وصحفية، رفضت أرد علي سؤالها لأن الشوارع كانت ملبّشة، وصلنا قريب من مسجد الإستقامة، صلينا في زوايا مختلفة، الميدان مليان بوليس سرّي كتير، وفاكر انه في مواجهة شيوخ زي الدكتور البرادعي، الدكتور عبد الجليل مصطفي، فاجئة حوالي 100 واحد خرجوا، ناس بسيطة من العشوائيات المحيطة بميدان الجيزة، جايين يصلّوا عشان ربنا ينقذ مصر، وهنا بدأ غباء الأمن، لأنه خلاهم مع الثورة لما ضرب بغباء، لضيق نطاق التظاهر في الميدان المتظاهرين كانوا في التحام تام مع المتفرجين.. ولأن الناس بسيطة، فتقدم المظاهرات شباب الطبقة الوسطي، معظم الناس اللي كانت قدّام متقدمة المظاهرات كنت أعرفهم كويس، فاجئة قنابل الغاز اشتغلت عشان تخوّف الناس، كله رجع، وخراطيم الميّة اتوجهت ناحية الناس، لما البعض رجع والبعض فضل، قوّوا الضغط، افتكرت ان عيني اتقلعت لأني ماشفتش حاجة من الميّة، صديق من مجموعة تانية غير مجموعتي حاول يشدني عشان نرجع ورا، بس انا وقعت ورا من المياه، جريت عالمسجد، وساعدت الناس بالمحلول المضاد للحمض اللي في قنابل الغاز
Sodium bicarbonate
وبعدين رجعت، لقيتنا بقينا حوالي 20، كان فيه ملازم أول وسيم وبشوش، كان متعاطف معانا، مابيردش لما الناس شتمته، ولما بدأنا نستعطفه ونقول "يادي الخيبة يادي العار، الأخ بيضرب أخوه بالنار" لمحت الدموع في عينيه، قربت عليه بحزر وبوست دماغه، كان فيه رائد حقير، كل ماكلم العساكر يقولّي "مالكش دعوة انت، احنا عارفين احنا بنعمل ايه كويس، ارجع ورا" رديت عليه نفس ردّي عالعقيد أو اللواء بتاع ميدان التحرير يوم الثلثاء 25 يناير، "وطّي صوتك وانت بتكلمني، انا مش باخد أوامر منك" قال "ارجعوا ورا" قلناله " ارجع انت، ديه بلدنا" ووصلنا لحل اننا هانرجع وهم هايرجعوا، هو كمان كان مبسوط بالحل ده، لان لما الناس اتفرقت، اللي كانوا في المسجد كانوا اقل من 100 شخص، بس الشباب كانوا بدأوا يتحركوا في الشارع، وبدأوا يزيدوا، وبعد ماكانوا شباب من مدينة نصر والتجمع ومناطق متوسطة وغنية، أعداد أكتر من العشوائيات المحيطة بدأت تنضم، كان فيه عقيد حاول يهدّينا ويقول انه معانا، بس لما فشل معانا انفعل، وشفت منظر زي منظر بارونات المافيا في الأفلام الايطالية، لما حاولت اتكلم معاه وهو ماشي، لقيت في تشكيل اتكون حواليه، زي عساكر الشطرنج حوالين الملك، لقيت اني مش هاقدر انضم للشباب في الشوارع لأننا قليلين ومعظم المسجد كان شيوخ وستات وسياسيين، فقررت أني ادخل المسجد، لميت ازايز البيبسي والخل ومعايا المحلول اللي معايا، وبدأت أساعد الناس
للأسف التغيير السياسي لو حصل هايسيب ناس جاهلة وأنانية لحد بعيد في وقت الزنقة، فيه ناس كانت شايلة البيبسي عشان تشربه، وواحد جاي عاوز بيبسي عشان يروي عطشه ويطلع يهتف في مكان الهتاف فيه عبثي لحد اللحظة ديه، واتقمص زي العيال لما قلتله البيبسي لالتهابات الوش، وواحد شكله أمي عمال يقول للناس اللي بديهم المحلول "ادعك عينك بالمحلول واشرب البيبسي، بيقولوا البيبسي حلو للصحة" كان نفسي أسلم الناس ديه للأمن من كتر الاستفزاز، وناس غلابة، فاضل حوالي 100 مللّي من كل حاجة معايا وبعد ماحطهاله في ايده يدلق منها شوية عالأرض، او يستني لحد ماتتسرب من خلال صوابعه وهو بيقول "بأمانة ربنا مافيهاش حاجة؟"، ولما صلّينا سبت الازايز مع ست، لقيتها سايباها مع الناس، رجعت لقيت الناس برضو مصرة ماتفهمش، شربوا الخل والمحلول وغسلوا عينيهم بالبيبسي، وواحد خد مني 3 مرات من المحلول وكل مرة يوقعه، لحد مانفعلت وقلتله مالكش تاني، وكان فيه 2 دكاترة مستفزين جداً، انا كان عندي معلومات بسيطة عن الكيميا من الهندسة، ومعلومات بسيطة عن الإسعافات الأولية قريتها من الانترنت وعرفتها من أصدقاء في طب وصيدلة، الدكاترة كانوا واقفين مع البرادعي طول الوقت، اللي كان تعبان جداً بالمناسبة من الغاز، علي عكس مالناس فاكرة، البرادعي وعبد الجليل مصطفي وإبراهيم عيسي وأخرين من الجمعية الوطنية كانوا معانا طول الوقت، وتضرروا لأن الناس بتدخل تهرب من الغاز وتسيب أبواب المسجد مفتوحة، وناس تانية عاوزاه يدخل بنفسه في الاشتباكات مع الأمن، عرفت من بنت الدكتور محمد أبو الغار ان والدها مختفي من الصبح مع الأستاذ عبد الرحمن يوسف وصحفية اجنبية، لما الأمن بدأ يفقد السيطرة برة دخل ناس بتموت، ستات كبيرة واطفال وشيوخ، وناس بتطلع في الروح، ومعاناتهم كانت بتزيد بسبب الناس اللي كانت بتفتي، فقدت أعصابي، بدأت أترعش وأبكي من الحرقة عالناس اللي بتموت "أقسم بالله سبولهم الدين في المسجد هناخد ثواب"، قربت مني ست منتقبة "حرام عليك ذنب الدين ايه، ربنا هايجيبلنا حقنا وهاينتقم منهم" قلتلها" بقالكوا 30 سنة بتقولوا ربنا هايجيب حقنا، اسكتوا بقي كفاية، دول منغير ملة، احنا اللي نجيب حقنا"
كان فيه مخبر معانا، واضح جدا انه كان مخبر، فضل طول الوقت جوه المسجد مع ان بنيته قوية ومع انه ماكنش متضرر، ربنا يخلّي لينا السينما، عرفتنا علي شكل المخبرين من ايام الملك فاروق، شخص طويل وعريض، بشنب قذر، وبالطو وجزمة جلد، فيه ناس دخلت والدكاترة عرفتهم بالصدفة بعد ماصرخت عليهم لحد مالقتهم، كان فيه شخص بيموت، ضربات قلبه ضعيفة، وبيفرفر، و2 عساكر أسعفناهم، كان فيه شخص مستفز هايدوس عالناس اللي في الأرض عشان يوصل ليهم ويصورهم، اضطريت اضربه جوا المسجد عشان يبعد، لأنهم كانوا بيتخنقوا وكل مارجّع الناس من حواليهم، يشوفوه واقف هو وصاحبه قريب فيقرّبوا تاني، من وقت لوقت كنت باطلع أبص عالتطورات في الشارع، الأمن اتهزم تماماً عالكوبري، اطارات بتتحرق
معلومة للناس عشان لو المظاهرات استمرت:
البيبسي والمشروبات الغازية عموماً، أو بدرة ال
Sodium bicarbonate
الذائبة في الماء
هي سوائل قلوية
Alkaline
بتعادل الأحماض بتاعة الغاز
Acid
ببتحط عالوش بس، مافيش حاجة بتتحط عالعين، الدموع كفيلة بغسيل الأحماض منها، الخل أو البصل لتسهيل التنفس أو الأفاقة
فاجئة لقينا مئات الألاف جم من الشوارع المحيطة وفوق الكوبري، والأمن فاتح لينا الطريق، اتصورنا مع العساكر والظباط، كنا مئات الالاف عن الميدان، ومع الوقت اتحولنا لملايين بلا مبالغة، مش اقل من 3 5 مليون، المسيرة كانت ممتدة من ميدان الجيزة لكوبري قصر النيل في الزمالك، ظباط المطافي عرضوا علينا ميّة، ستات وبنات نزلوا من الشقق بجرادل الميّة، كان فيه ناس تافهة، زي شباب كتير كان ماشي عكس الاتجاه، ولما قلتلهم تعالوا معانا قالولي "معلش يا برنس متأخرين عالماتش" عدينا قدّام فنادق وبنوك كتير من غير تخريب، الناس كسرت صورة حسني مبارك اللي علي سور الأمانة العامة للحزب الوطني بالجيزة، بس شباب مثقف وقف حول المقر وهتف "سلميّة.. سلميّة"، عند المقر ظهر أشخاص يقولوا "بس اوعوا تجيبوا البرادعي كلب أمريكا" وحاولوا يستغلوا ان الشباب اللي اندسوا وسطهم من طبقة مطحونة، ويجرونا لنقاش، وقتها قلتلهم "انتوا بقالكوا 30 سنة خرفان، لما تيجي انتخابات نبقي نختار، دلوقتي خلينا متفقين اننا نسقط النظام" واختفوا المندسين، وصلنا عند الشيراتون-علي مانا فاكر- وشفت منظر واحد من المتشردين اللي كبروا في السن بس برضو أطفال شوارع، جلده مسود من الطين، ساند علي المبني، وبيهرش في راسه، حسيته مش مصدق وفاكر انه بيحلم.
وصلنا لكوبري قصر النيل، هنا الوضع مختلف، فالجهة المقابلة تابعة لمديرية أمن القاهرة وليس الجيزة.. خراطيش-طلقات كبيرة المفروض انها تضرب في الأرض، فلما "تفرش" او تتوزع ماتعورش، بس كانوا بيضربوها عالناس، شفت ناس كتير بيرجعوا متشالين من الصفوف الاولي بجروح في رقابهم شبه الدبح، وكم كبير مع قنابل الغاز، فاجئة ظهرت 3 مدرعات من الجيش، الناس حيتها وطلعت عليها، سلّموا علي الظباط، في تأثر باللي حصل في تونس، بس الظباط لما قربوا من الكوبري قالولهم انزلوا، الناس افتكرت انهم هايشوطوا في الامن المركزي، الا انهما كانوا عالحياد، الامن المركزي عدّاهم وبعدين كمّل ضرب، مع الوقت بدأ الامن يتراجع، وقنابل الغاز تنزل النيل، ومحاولات من الامن للطويق، اللي عالكوبري تراجعوا للتحرير، وحوالي 20 عربية أمن مركزي من اتجاه ماسبيروا، بتمر تحت كوبري 6 اكتوبر وكوبري قصر النيل-تحت النفق-، حدفنا صخور عالعربيات، كانت بتمشي بسرعة جنونية عشان تحاصرنا من اتجاه ماسبيرو والتحرير والناحية التانية من تقاطع قصر النيل مع الكورنيش، الامن المركزي كان بيضرب خراطيش في الهواء عالناس، حدفنا صناديق وكراسي حديدية سدت المكان.. لما وصلنا للمقر الرئيسي للحزب الوطني اتعاملنا بشكل مختلف عن اللي حصل مع مقر الجيزة.
مشهد ماشفتوش حتي في الافلام، مستندات، ونهب او تكسير أجهزة كومبيوتر، توزيع مشروبات غازية وبسكوت من الكنتين الضخم في الساحة اللي في وسط الحزب، محاولات لحرق عربيات الامن المركزي اللي في الشارع، بس شباب واعي طفاها، الا ان شكل العربية اللي بتتحرق فوق كوبري 6 اكتوبر ألهب المشاعر، حرقوا عربيتين قدام باب الحزب، انفجارات متتابعة، ناس طلعت صورة مبارك ودوسنا عليها بالجزم، صوت يتردد بقوة "شُخوا عليها" للاسف الناس حرقت الحزب الوطني ومافكرتش في المتحف المصري(ملاصق للحزب)، شفت طفل شارع معاه صندوق عيش وكان بيبسي، قلتله جبنالك حقلك، كان بيبكي، ابتسم وقاللي الحمد لله، واحد جه قاللي "شكراً يا شباب علي تعبكوا نردهالكوا في الافراح" بصيت لشريف وقلتله "هو انا جاي اجامله في فرح اخته ولا ايه"، كان لازم امشي، مشيت عالساعة 8 مع شريف علي وشريف عبد التواب، وسيبنا ورانا-بعد مافشلنا اننا نلاقي- طارق الخطيب وأينش وعبد الله سليمان وعبد الرحمن قبيل.
الحرية قادمة
6 & 7 فبراير
شوية حاجات حصلت في الميدان لما بتت فيه، كان من احلي ايام حياتي:
1-اولا دول كانوا الحد والاتنين، ديه ايام المفروض بتبقي قليلة من حيث العدد، بس اليومين دول كان فيه مش اقل من 10 الاف بني ادم
2-وقفت في لجنة عشان نحمي الناس، من كتر مالناس كانت بتيجي، ماقدرتش اقعد لحد بعد بدء الحظر، انا وقف من حوالي 7 لحد حوالي 1، ماقعدتش فيهم خمس دقائق
3-كذب التلفزيون كان بيجبلنا ناس، وده احد اسباب-الي جانب الاستقالات الجماعية- اللي خلت خطابه يبقي اكثر حيادية، فيه ست جت هي وابنها وقالتلنا "انتوا شباب مصر، ربنا يحفظكوا
-ربنا يخليكي يا حجة
-قولّي يابني فين مجمع الجوازات؟
-مجمع التحرير كله مقفول يا حجة
-ايوة مانا عارفة، اصل بيقولوا بيوزعوا بطاطين واكل وفلوس
-انتي بتصدقي الكلام ده يا حجة؟ مافيش حاجة زي كده، احنا بنجيب اكل وبطاطين من فلوسنا ونوزعها علي بعض عشان نبات
-لا اصل ناس جراننا جم وخدوا (بتستذكي عليّ)
-خلاص ادخلي، بس انا باقولك مش هاتعرفي تطلعي بحاجة
-ابنها: عالاقل تغيرولنا علي جرح ايديها
الست ديه وابنها لما صحيت تاني يوم لقيتها باتت معانا لما عرفت ان الاعلام كذاب، واشخاص كتير عدوا عليّ وقالوا كلام مشابه وباتوا معانا برضو
4-فيه ظباط امن قومي وسطنا، بيجمعوا معلومات عن روحنا المعنوية، عن احتمالية وجود خطط، عن حالة الناس في السقعة، واكتشفنا منهم ناس فعلا بس سيبناهم في وسطنا وحتي ماوجهناهمش، حصل اني شكيت في ناس ولقيت ان كذا حد غيري ماعرفوش شاكك فيه
5- الناس البسيطة بقت بتفهم في السياسة، الجو المشرف في التحرير، وامتزاج الطبقات خلّي الكبير يحس بالصغير، وخلّي الفقير يفهم في الدستتور والسياسة
6-الكنتاكي بيتوزع منغير كاتشاب
كنت بايت في الميدان وباتكتك من السقعة، حلمت بحوار وائل غنيم وحوار عمر سليمان، ولما الحوارين اتذاعوا كنت بانطق الأسئلة والأجوبة قبل ماتتقال، وحلمت ب 3 او 4 أشخاص كتير قابلتهم تاني يوم، منهم شخص قابلته مع سلمي عقل، كان شكله يخوّف، ولما اتكلمت معاه اكتشفت ان مظهر التشدد الظاهر عليه بيخفي شخص مثقف ومستنير جدا
الحلم أخره كان زي العاب البي اس، لعبة بتتقلب فيلم، كان عبارة عن ناس بتزحف ناحية قصر الرياسة، بس القصر عبارة عن برج طويل جدا وابيض، بنفس تصميم سيميراميس اللي في ضهر التحرير، وان طنطاوي كان جنبي وكان رافض اللي بنعمله وعاوزه يخرج بهدوء، بس احنا اقنعناه باعدادنا فضرب في مبارك، وده اللي حصل فعلا، طنطاوي كان عالحياد لحد لما لقي كفتنا غالبة، بيان رقم واحد من هيئة عسكرية، اعلي هيئة، معناها انقلاب
http://www.facebook.com/AhmedBeak/posts/125515350853916
يوم الخميس 10 فبراير، وبعد الخطاب، مشينا بالعفوية بالالاف لماسبيرو، هناك الجيش كان بيتعامل معانا منغير اي حميمية وبتوتر شديد، علي غير العادة، عادة ظباط الجيش بيتعاملوا معانا بكل حب، فضلت هناك لحد قرب الفجر تقريبا
رجعت مخنوق بعد الخطاب، بس لما نمت حلمت اني باشرب شامبانيا، انا مش باشرب، بس الشامبانيا مشروب احتفالي، خير يعني
لما تنحي، الناس اللي كانت بتخوننا والناس اللي كانت بتهيننا نزلوا واحتفلوا، قدام القصر في الكوربة جه واحد سيس وخطيبته السيس برضو ووقفوا يتريقوا علي المعتصمين: هم دول بقي اللي عاملين مظاهرات، اول ماتنحي هتفوا: تحيا مصر... الله اكبر
مبروك :)))))))))))))))))))))